رسائل إلي عزرائيل ..

  عزيزي عزرائيل ..

       لعلي أول روح تحدثك قبل أن تقبضها .. فكم من روح توسلت إليك ألا تقبضها أو تتركها قليلاً أو أن تهون عليها الموت .. وكم من روح رحبت بك لتنهي معانتها .. أو لتختتم حياة ثرية جميلة وراضية ..
     ولكني لن أتوسل إليك من أجل روحي .. فأنا لا أخشى الموت .. بل أحياناً أتمناه من كثرة شوقي لرؤية ربي .. وأحياناً أخرى أتمناه من كثرة ما رأيت من ظلم في البلاد .. ومن كثرة ما عاث قومي في الأرض مفسدين ..
    اطمح أن تغفر لي مزاحي عنك .. كلما أخذت حبيباً .. وكلامي عنك كلما حاولت أن أخفف من وطأة وجع تركته أو قلب فطره الفراق .. فأنا أعرف أن وظيفتك .. رُغماً عن أنف الجميع .. هي أصعب وظيفة في الوجود وربما تكون أرحم وأجمل في آن واحد .. وأُحييك على شجاعتك وجلدك وقوتك في تنفيذ إرادة الله .. فأنت ملاك .. ان جاز لي التعبير .. هُمام .. 
  هل لي أن أطلب منك طلبان ؟ .. أولهما ان كنت قد جئت قابضاَ لروح أحد والدي أو اخوتي أو صغير من صغاري ان رزقني الله .. فاختار واقبض روحي أنا ان استطعت أو ارجع إلى الله وقل له أن عبدة من عبادك ترجو وتتوسل أن تغير الأقدار فتأخذ روحها بدلا عنهم .... فليس لي حياة من بعدهم .. وقد رأيت ما رأيت مما يفعل الموت بأهل البيت .. وأخشى ألا أستطيع صبرا .. وأخشى أن أفقد الرغبة في الحياة من بعدهم فأحيا كشبح يعد ويترقب ميعاده بفارغ الصبر .. ولا أكف عن التفكير فيمن عليه الدور .. لا أكف وقد أرهقني التفكير .. فأصبحت أخشي على أنفاس أمي وأبي واخوتي فأفزع من شهقاتهم ومن سعالهم وحتى من طول سباتهم ..
  طلبي الثاني .. ان جاز لي طلب من الأساس.. فان أتيتني .. ووجدتني على معصية .. فارجع ساعة أخرى .. أكون أتعبد وأخلص العمل لربي فأموت وأبعث عليه ..
 وآخر ما أستطيع أن أقوله لك .. اني كلما تذكرتك أو هُيئ لي أنه ميعادي .. فأجدني أبتسم بهدوء .. وأدعو أن يكون لقائنا لقاء رحمة وسكرات موتي من لينها لا تحتسب سكرات .. وخروج روحي الي الله على يدك .. خروج عروس تُزف إلي السماء .. بصحبة ملاك الرحمة الذي طالما أحسبه فيك ..  

       أنتظرك بكلمات العمة آمنه .. التي قالتها للأبنودي رحمه الله عليه ..

إذا جاك الموت يا وليدي
موت على طول..
أول مايجيك الموت .. افتح..
أو ماينادي عليك .. إجلح..
إنت الكسبان..
إوعى تحسبها حساب..!!